الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014



آليات وتقنيات كتابة السيناريو:
يستحضر السيناريست أثناء كتابة السيناريو جميع التقنيات والآليات التي تستعمل في تحضير وصناعة الفيلم.
لذا لابد أن يكتب السيناريو في شكل لقطات مختصرة واضحة هادفة محددة، ثم تدمج في شكل مشاهد ومقاطع وبكرات قصد الحصول على الفيلم.
ومن المعروف أن الفيلم يصور على شريط من عرض 35 ملم، وطول يبلغ 2كلم 462 م و40 سم.، وهو مصنوع من مادة السيلولويد المرنة الكثيرة المقاومة.
 ويتكون الشريط من لفيف الصور المتحركة الذي يوجد إلى جانبيه : شريط الصوت وشريط الموسيقا. كما يضم الشريط الفيلمي 129600 صورة، أما حجم الفيلم فهو0.14 ملم.


ويستحسن أن يكون كاتب السيناريو على علم بسلم اللقطات الذي يتنوع إلى الأنواع التالية:
* اللقطة العامة: تلتقط فيها لقطة عامة وكلية لمجال ما سواء أكان ديكورا أم فضاء أم منظرا عاما، ويمكن أن نشاهد فيه مجموعة من الأشخاص. أي إن اللقطة العامة هي التي تنقل لنا الجو العام والفضاء الكلي الذي ستجري فيه الأحداث.
* اللقطة المتوسطة: تصور الشخصيات بشكل كلي داخل ديكور معين.
* اللقطة الأمريكية: تعمد إلى تصوير الشخصية من الرأس حتى الركبة وخاصة في أفلام رعاة البقر أثناء لحظات المقاتلة والصراع.
* اللقطة الإيطالية: تظهر لنا هذه اللقطة الشخصية من أعلى الرأس إلى ما تحت الركبتين (أي نصف الساق).
* اللقطة القريبة: تلتقط صورة الشخصية أو الشيء بشكل مقرب حيث يحدد الوجه أو الذراع أو اليد بطريقة مقربة واضحة.
* اللقطة الكبرى: تلغي هذه اللقطة المساحة والبعد وتلتقط شيئا مكبرا واحدا.
* اللقطة الكبيرة جدا: تلتقط الأشياء وأجزاء من الشخصية بشكل مفصل كبير بطريقة “الزوم” Zoom، فتكبر العينان أو يكبر الفم مثلا.

ومن الأفضل أيضا أن يلم كاتب السيناريو بالتأطيرCadrage وزوايا الرؤية التي تنقسم إلى زاوية الرؤية المحايدة العادية، وزاوية الرؤية من أعلى إلى الأسفل التي توحي في بعدها السيميولوجي بالانكسار والسقوط والهبوط والتردي والانحدار؛ لأن هذه الزاوية تهدف إلى تقليص أو تصغير الشخصية أو الشيء .
وتتم هذه العملية عن طريق وضع الكاميرا في مكان مرتفع علوي أثناء التقاط هذا النوع من الصور. أما زاوية الرؤية من الأسفل إلى الأعلى، فتوحي دلاليا بالاستعلاء والتفوق والقوة والسيطرة، وترمي إلى تكبير صورة الشيء الملتقط أو صورة الشخصية المصورة. وتكون الكاميرا في هذا الصدد في الأسفل موجهة بطريقة علوية إلى الموضوع المصور.


وتشكل الرؤية من زاوية علوية أو سفلية لقطات محدودة لايتم اللجوء إليها إلا بصفة نادرة، خاصة إذا ماكانت تضفي على المشهد خاصية جمالية، أو كانت في مجال يصعب التحكم فيه نظرا لصعوبة تضاريسه مثلا، فغالبا ما يستعان بالطائرة مثلا للحصول على لقطات من زاوية عمودية، هي في الواقع نوع آخر من اللقطات المرفوعة، إذ إن الطائرة العمودية يمكن أن تتحرك مثل الرافعة بكل اتجاه تقريبا عندما يستحيل استخدام الرافعة، ويحدث ذلك اعتياديا في المواقع الخارجية، حيث إن اللقطة الجوية يمكن أن تعطينا التأثير نفسه. يمكن أن تكون لقطة الطائرة العمودية كثيرة الترف بالطبع، ولهذا السبب فهي تستخدم قليلا للإيحاء بإحساس شاعري وإحساس جارف بالحرية. تتدخل زوايا الرؤية هنا مع حركات الكاميرا مما يبين أن العمل السينمائي أو التقنيات السينمائية، بصفة شاملة، تسعى إلى تكميل بعضها البعض. إن تحديد وضبط زوايا الرؤية أصبح يتم بشكل دقيق. ففي هوليود مثلا، يمجد مديرو التصوير الصورة عن طريق دراسة زوايا التقاطها، والعمل على مستوى الإنارة. تكتسي زاوية الصورة أهمية بالغة في التعبير، لذلك، فالتقنيون المعاصرون يولونها عناية خاصة أثناء وضع التقطيع التقني لأفلامهم.”.

ومن جانب آخر، يستحب لكاتب السيناريو أن يعرف حركات الكاميرا ليعرف طرائق التشخيص والتمثيل وزوايا النظر. ومن ثم، فالكاميرا قد تكون ثابتة المدار( الحركة البانورامية السريعة) أو دائرية أو متحركة أو مرتفعة ككاميرا الزرافة التي تتخذ اتجاهات متنوعة أثناء التقاط صور السهرة والحفلات الغنائية . ويمكن الحديث عن كاميرا يدوية تحمل على الكتف، وكاميرا التراڤلينگ Travelling و الكاميرا الثابتة واستعمال عربة Chariot الموضوعة فوق السكة Rails والكاميرا المحمولة بواسطة السيارة وكاميرا الزوم Zoom .
وتقوم الإضاءة بدور هام في تشكيل الفيلم السينمائي، لذا لابد من الإشارة إليها في السيناريو: هل هي إضاءة خافتة توحي بالهدوء والصمت والمواقف الرومانسية أم هي إضاءة ساطعة قوية توحي بالعجب أو الخوف؟

ويشمل السيناريو كذلك الجانب الصوتي الذي يتمثل في الضجة والموسيقا والصمت والصوت. ومن وظائف الضجة حسب صلاح أبو سيف:” الربط…فالمشاهد يمكن أن تقطع في لقطات مختلفة ولكن الصوت يربط بينهما. فبينما نستطيع أن ننقل عيوننا بين أشياء مختلفة فإن آذاننا تسمع نفس الصوت. وإذا كانت عدسة التصوير تقوم بدور التقطيع فإن الميكروفون يقوم بدور الربط.

مثلا: في مخزن خياط نستطيع أن نصور عشر لقطات. وكل لقطة تصور شيئا مختلفا ولكن صوت ماكينة الخياطة يستمر، كما أن الحوار وسيلة ممتازة من وسائل الربط. وبغض النظر عن الممثلين الذين يظهرون فإن الحوار لا ينقطع. ولا يوجد مونتير مجرب ينتقل من لقطة إلى أخرى حين ينتهي الحوار. فلابد أن يضع نهاية الكلام على صورة شخص آخر. لأنه إذا لم يفعل ذلك كان يعرقل الحركة. كما أنه يعلم أيضا أن من الخطر تغيير اللقطات خلال الصمت.
وشريط السيلولويد الذي يحمل الصور يمكن تقطيعه وتغييره بحرية ، ولكن يجب معالجة شريط الصوت بدقة لأنه شريط مستمر.”.13

ويمكن للموسيقا التصويرية أن تكون مستقلة يضعها الموسيقار بعد استكمال السيناريو والفيلم على حد سواء ، فتوضع الموسيقا إما في الجنيريك وإما داخل الفيلم وإما في نهايته. ولابد أن تكون هذه الموسيقا التصويرية وظيفية وهادفة ومعبرة لتجذب انتباه السامعين وتشنف آذانهم. ويمكن خلق نص موسيقي جديد يوضع في البداية أو حسب الفصول أو يشتغل الكاتب أو المخرج أو الملحن على نص موسيقي موجود أصلا. ويقول صلاح أبو سيف في هذا الصدد:” الموسيقا التصويرية جزء لايتجزأ من شريط الصوت ولكنها ليست جزء ا من القصة. ودليل ذلك أن مؤلفي الموسيقا لا يستشارون عند كتابة السيناريو. فالفيلم يقدم إليهم كاملا ويطلب إليهم تأليف موسيقا تناسب القصة وإن كانوا لا يرضون بهذا الوضع دائما.

والمتفرج العادي يستوعب الموسيقا التصويرية لا شعوريا. ويندر أن ينتبه إلى ما يسمعه، بل إنه قد لا يتذكر بعد خروجه من السينما اللحن الأساسي أو الرئيسي ما لم يكن أحد الممثلين قد غنى هذا اللحن في أغنيته. كما حدث حين استعملت أغنية” بتلوموني ليه” في فيلم لعيد الحليم حافظ يغني فيه نفس الأغنية ، ومع ذلك فالموسيقا التصويرية تشترك اشتراكا أساسيا في تقديم القصة وبالرغم من أنه يقدر أن يلتفت المتفرج إلى وجودها ولكنها إذا افتقدت شعر بغيابها بشكل ملحوظ.”14

وهناك تقنيات ينبغي أن يستخدمها كاتب السيناريو كالتركيب والتوليف وانتقاء المعلومات وتقسيمها والازدواج والتكرار والتنسيق والتكبير والتكوين والاتساق والانسجام والتحكم في المعلومات وتشابك الصور مع المكونات التقنية الأخرى وتوظيف الصور السينمائية البلاغية كالاستعارات والتشابيه وصور المقابلة والتضاد. فمثلا:حينما تلتقط صورة أمواج البحر وهي تتحرك من اليمين نحو اليسار، في نفس الوقت تلتقط صورة المتفرجين وهم يشجعون فريقهم متحركين يمنة ويسرة، أو تنقل صورة صقر أسود في نفس الوقت الذي تلتقط فيه صورة جنازة.

وعليه فوسائل التعبير:” التي يملكها القصاص أسهل بكثير. أما المؤلف السينمائي فإنه يصطدم بعدة عقبات ترجع إلى لغة السينما، فعليه أن يبحث دائما عن تجميعات جديدة ليعبر عن حدوث تطورات في قصته. وهو لايستطيع أن يصل إلى هدفه إلا إذا استغل وسائل التعبير إلى أقصى درجة ممكنة.
ويجب ألا ننسى أن السينما تتطلب قصة أغنى وأكمل وأكثر تنوعا من المسرحية. ولا نقصد بهذا المضمون بل مقدار المعلومات التي يجب أن تعطي منها. ففي القصة السينمائية حوادث أكثر، خطوط فرعية وأماكن أكثر وشخصيات أكثر، ولكي نحقق هذه الاحتياجات لابد لنا أن تعطي مزيدا من المعلومات وليس للسينما وسائل سهلة أو مباشرة للتعبير إذا استثنينا الحوار.”
15
ونصل بعد هذا إلى أن كتابة السيناريو تستوجب عناصر مستقلة على مستوى الكتابة السينمائية (لقطة ومشهد ومقطع وبكرة…)، وعناصر متداخلة ومتراكبة (التركيب والتوازن والتركيب والتنسيق…) تساهم كلها في خلق نص حركي ذي نسيج فني متشابك يحقق للفيلم جودته وروعته الفنية والتقنية.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق